ادْعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ ﴿النحل: ١٢٥﴾
٨ ـ وحدثنا جماعة عن الشیخ المفید أبی علی الحسن بن علی الطوسی، وعن الشریف أبی الفضل المنتهى بن أبی زید بن کیابکی الحسینی ، وعن الشیخ الأمین أبی عبد الله محمد بن شهریار الخازن ، وعن الشیخ الجلیل ابن شهرآشوب ، عن المقرئ عبد الجبار الرازی ، وکلهم یروون عن الشیخ أبی جعفر محمد بن الحسن بن علی الطوسی رضی الله عنه.
قالوا : حدثنا الشیخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسی بالمشهد المقدس بالغری على صاحبه السلام ، فی شهر رمضان من سنة ثمان وخمسین وأربعمائة ، قال : حدثنا الشیخ أبو عبد الله الحسین بن عبید الله الغضائری ، قال : حدثنا أبو المفضل محمد بن عبید الله السلمی.
قالوا : وحدثنا الشیخ المفید أبو علی الحسن بن محمد الطوسی والشیخ الأمین أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهریار الخازن ، قالا جمیعا : حدثنا الشیخ أبو منصور محمد بن أحمد بن عبد العزیز العکبری المعدل بها فی داره ببغداد سنة سبع وستین وأربعمائة ، قال : حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشیبانی ، قال : حدثنا محمد بن یزید بن أبی الأزهر البوشنجی النحوی ، قال : حدثنا أبو الصباح محمد بن عبد الله ابن زید النهشلی ، قال : اخبرنی أبی ، قال : حدثنا الشریف زید بن جعفر العلوی ، قال : حدثنا محمد بن وهبان النبهانی ، قال : حدثنا أبو عبد الله
الحسین بن علی بن سفیان البزوفری ، قال : حدثنا أحمد بن إدریس ، عن محمد بن أحمد العلوی، قال : حدثنا محمد بن جمهور العمی ، عن الهیثم بن عبد الله الناقد ، عن بشار المکاری ، قال :
دخلت على أبی عبد الله علیهالسلام بالکوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد وهو یأکل فقال لی : یا بشار ادن فکل ، فقلت : هناک الله وجعلنی فداک قد أخذتنی الغیرة من شئ رأیته فی طریقی أوجع قلبی وبلغ منی ، فقال لی : بحقی لما دنوت فأکلت ، قال : فدنوت فأکلت ، فقال لی : حدیثک ، قلت : رأیت جلوازا یضرب رأس امرأة ویسوقها إلى الحبس وهی تنادی بأعلى صوتها : المستغاث بالله ورسوله ، ولا یغیثها أحد ، قال : ولم فعل بها ذاک ، قال : سمعت الناس یقولون : انها عثرت فقالت : لعن الله ظالمیک یا فاطمة ، فارتکب منها ما ارتکب.
قال : فقطع الاکل ولم یزل یبکی حتى ابتل مندیله ولحیته وصدره بالدموع ، ثم قال : یا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله عزوجل ونسأله خلاص هذه المرأة ، قال : ووجه بعض الشیعة إلى باب السلطان وتقدم إلیه بان لا یبرح إلى أن یأتیه رسوله فان حدث بالمرأة حدث صار إلینا حیث کنا.
قال : فصرنا إلى مسجد السهلة وصلى کل واحد منا رکعتین ، ثم رفع
الصادق علیهالسلام یده إلى السماء وقال :
أنت الله لا إله إلا أنت مبدئ الخلق ومعیدهم ، وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الخلق ورازقهم ، وأنت الله لا إله إلا أنت القابض الباسط ، وأنت الله لا إله إلا أنت مدبر الأمور وباعث من فی القبور ، أنت وارث الأرض ومن علیها ، أسألک باسمک المخزون المکنون الحی القیوم.
وأنت الله لا إله إلا أنت عالم السر واخفى ، أسألک باسمک الذی إذا دعیت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطیت ، وأسألک بحق محمد وأهل بیته وبحقهم الذی أوجبته على نفسک ان تصلی على محمد وال محمد وان تقضی لی حاجتی الساعة الساعة.
یا سامع الدعاء ، یا سیداه یا مولایاه یا غیاثاه ، أسألک بکل اسم سمیت به نفسک ، أو استأثرت به فی علم الغیب عندک ان تصلی على محمد وال محمد وان تعجل خلاص هذه المرأة ، یا مقلب القلوب والابصار ، یا سمیع الدعاء.
قال : ثم خر ساجدا لا اسمع منه الا النفس ، ثم رفع رأسه فقال : قم فقد أطلقت المرأة ، قال : فخرجنا جمیعا فبینما نحن فی بعض الطریق إذ لحق بنا الرجل الذی وجهناه إلى باب السلطان فقال له : ما الخبر ، قال : قد اطلق عنها ، قال : کیف کان اخراجها ، قال : لا أدری ولکننی کنت واقفا على باب السلطان إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها : ما الذی تکلمت به ، قالت : عثرت ، فقلت : لعن الله ظالمیک یا فاطمة ففعل بی ما فعل.
قال : فاخرج مائتی درهم وقال : خذی هذه واجعل الأمیر فی حل فأبت ان تأخذها ، فلما رأى ذلک منها دخل واعلم صاحبه بذلک ثم خرج فقال : انصرفی إلى بیتک ، فذهبت إلى منزلها ، فقال أبو عبد الله علیهالسلام : أبت ان تأخذ المائتی درهم ، قال : نعم وهی والله محتاجة إلیها ، قال : فاخرج من جیبه صرة فیها سبعة دنانیر وقال : اذهب أنت بهذه إلى منزلها فاقرأها منی السلام وادفع إلیها هذه الدنانیر.
قال : فذهبنا جمیعا فأقرأناها منه السلام ، فقالت : بالله أقرأنی جعفر بن محمد السلام ، فقلت لها : رحمک الله والله ان جعفر بن محمد أقرأک السلام ، فشهقت ووقعت مغشیة علیها ، قال : فصبرنا حتى أفاقت وقالت : أعدها علی ، فاعدنا علیها حتى فعلت ذلک ثلاثا ، ثم قلنا لها : خذی هذا ما ارسل به إلیک وابشری بذلک ، فاخذته منا وقالت : سلوه ان یستوهب أمته من الله فما اعرف أحدا أتوسل به إلى الله أکثر منه ومن آبائه وأجداده علیهمالسلام.
قال : فرجعنا إلى أبی عبد الله علیهالسلام فجعلنا نحدثه بما کان منها ، فجعل یبکی ویدعو لها ، ثم قلت : لیت شعری متى أرى فرج آل محمد علیهمالسلام ، قال : یا بشار إذا توفی ولی الله وهو الرابع من ولدی فی أشد البقاع بین شرار العباد فعند ذلک یصل إلى ولد بنی فلان مصیبة سوداء مظلمة ، فإذا رأیت ذلک حلق البطان، ولا مرد لأمر الله.
المزار الکبیر، شیخ ابوعبدالله مشهدی، صص 136-139